التسويق عن طريق المؤثرين الدليل الشامل للنجاح

بصفتك مسوّقاً، فأنت تُدرك جيداً أهمية المؤثر المناسب في إيصال رسالتك إلى جمهورك المستهدف. يُعد التسويق عن طريق المؤثرين (Influencer Marketing) من أبرز الأدوات الحديثة التي تساعدك على توسيع نطاق الوصول، وزيادة الوعي بالعلامة التجارية، وجذب العملاء المحتملين، وتعزيز المبيعات، خاصةً في سوق مليء بالخيارات والمنافسة.

وعندما تدمج هذا الأسلوب ضمن استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي، فإنَّك تضيف بعداً إنسانياً وصادقاً لحملاتك. فالمؤثرون هم أشخاص مبدعون يتمتعون بقدرة استثنائية على إنتاج محتوى يلقى صدى لدى متابعيهم، ويُنظر إليهم على أنَّهم أصوات موثوقة. يجعلهم هذا رُسلاً مثاليين لرسالة علامتك التجارية.

أرقام السوق لافتة؛ إذ تشير تقارير منصة "فورتشن بزنس إنسايتس" (Fortune Business Insights) إلى أنَّ سوق منصات التسويق عن طريق المؤثرين عالمياً بلغ في عام 2023 قُرابة 17.40 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتجاوز 71 مليار دولار بحلول عام 2032.

يعكس هذا النمو السريع تحولاً جوهرياً في الطريقة التي يتفاعل بها الجمهور مع العلامات التجارية، خاصة على منصات مثل "تيك توك" (TikTok)؛ إذ يبرع صُنّاع المحتوى في دمج الرسائل الترويجية بسلاسة داخل محتواهم العضوي، بطريقة تُسلي وتُقنع في الوقت ذاته.

يساعد الذكاء الاصطناعي أيضاً في تحسين الأداء والإنتاجية، وتخفيض التكاليف، وتقليل المخاطر المرتبطة بالحملات، وتوسيع نطاق أنشطة التسويق عن طريق المؤثرين.

لكن انتبه… ليست كل الأرقام تعني نجاحاً. لا يرتبط النجاح في هذا المجال فقط بعدد المتابعين، بل بجودة التفاعل وملاءمة المؤثر للعلامة التجارية. يتطلب الأمر استراتيجيات ذكية، وفهماً دقيقاً للسوق، وشراكات مدروسة بعناية.

ما هو التسويق عن طريق المؤثرين؟

ببساطة، هو أسلوب تسويقي يقوم على ترويج منتج أو خدمة، من خلال مؤثر لديه جمهور نشط ومخلص على شبكات التواصل الاجتماعي. يعتمد هذا النمط من التسويق على الظهور العضوي أو التوصية المباشرة من قبل المؤثر، بدلاً من الإعلان التقليدي.

من أبرز الأمثلة على المؤثرين العالميين نذكر المغنِّيات "تايلور سويفت" (Taylor Swift)، و"سيلينا غوميز" (Selena Gomez)، و"أديسون راي" (Addison Rae)، بالإضافة إلى خبراء التسويق الرقمي مثل "غاري فاينرتشوك" (Gary Vaynerchuk)، و"راند فيشكين" (Rand Fishkin).

لكن لا تقتصر قوة التأثير على المشاهير فقط؛ إذ برز في السنوات الأخيرة ما يُعرف بـ المؤثرين الصغار الذين يملكون تأثيراً فعّالاً جداً رغم قلة عدد متابعيهم مقارنةً بالمشاهير.

إحصاءات رئيسة في التسويق عن طريق المؤثرين

لنلقِ نظرة على أبرز الأرقام الصادرة عن جهات موثوقة:

• من تقرير "ستيت أوف سوشال ميديا الصادر في عام 2024" (2024 State of Social Media): يتعاون معظم المسوّقين الذين يستخدمون هذا النوع من التسويق مع عدد محدود من المؤثرين (بين 1 إلى 10 مؤثرين فقط).
• يشير تقرير "هاب سبوت" (HubSpot) إلى أنَّ: 31% من المستخدمين يفضلون اكتشاف المنتجات الجديدة عن طريق مؤثرين يتابعونهم، مقارنة بأية وسيلة إعلانية أخرى.
• وفقاً لتقرير "إنفلونسر ماركتينغ بنشمارك" (Influencer Marketing Benchmark Report): 44% من المسوقين يفضلون التعاون مع "المؤثرين متناهي الصغر" (Nano Influencers) و26% مع "المؤثرين الصغار" (Micro Influencers) مقابل 17% فقط مع المؤثرين الكبار (Macro) و13% مع المشاهير.
• بحسب تقرير "إنفلونسر ماركتينغ بنشمارك"، هذه هي أبرز المنصات المستخدمة من قبل العلامات التجارية:
  • "تيك توك" – 69%.
  • "إنستغرام" (Instagram) بنسبة 47%.
  • "يوتيوب" (YouTube) بنسبة 33%.
  • "فيسبوك" (Facebook) بنسبة 28%.

ما هي أنواع المؤثرين؟

ثمة فئات متنوعة من المؤثرين، ولكلٍ منها فرص مختلفة لعرض العلامة التجارية أمام الجمهور المستهدف.

يحسِّن التعاون مع أية فئة من هؤلاء المؤثرين نتائج حملتك التسويقية من خلال توسيع نطاق رسائلك بشكل كبير، ولكن الأهم هو أن تختار النوع المناسب الذي يخدم أهدافك بفعالية.

يصنّف المؤثرون عادةً حسب عدد المتابعين إلى:

• "مؤثرون متناهو الصغر" (Nano Influencers): حتى 1,000 متابع.
• "مؤثرون صغار" (Micro Influencers): من 5,000 إلى 100,000 متابع.
• "مؤثرون كبار" (Macro Influencers): من 100,000 إلى مليون متابع.

ما الفرق بين المؤثرين وصنّاع المحتوى؟

رغم وجود تداخل بين دور المؤثر (Influencer) وصانع المحتوى (Content Creator)، إلا أنَّ لكلٍّ منهما أهدافاً تسويقية مختلفة.

بحسب تقرير "اقتصاد المبدعين من منظور ثلاثي الأبعاد" (The Creator Economy in 3D) الصادر عن "ديلويت" (Deloitte)، فإنَّ 3 من كل 5 مستهلكين يتفاعلون بشكل إيجابي مع علامة تجارية عندما يتم الترويج لها من قبل صانع محتوى مناسب. لكن ما الفرق الجوهري؟

يمكن للعلامات التجارية الاستفادة من صنّاع المحتوى في:

• تحقيق تفاعل أعمق مع الجمهور.
• الوصول إلى مجتمعات متخصصة وصغيرة.
• التحكم في سلوك المستهلك في المرحلتين الأولى والمتوسطة من مسار المبيعات.

أما المؤثرون فيُستخدمون بشكل أفضل لـ:

• زيادة الوعي بالعلامة التجارية.
• الوصول إلى جماهير متنوعة وواسعة.
• تحفيز سلوك الشراء في المراحل الأولى والمتوسطة.

غالباً ما يُنتج صانع المحتوى محتوى خاصاً به يخدم شريحة ضيقة، مثل شخص يُشارك وصفات نباتية. أما المؤثر، فهو أقرب إلى شخصية مشهورة لها علامتها الشخصية الخاصة، والتي يمكن للعلامات التجارية الاستفادة منها في حملاتها.

وتقول "نيكي ليندغرين" (Nikki Lindgren)، مؤسسة وكالة "بينوك" (Pennock) الرقمية: "يريد صنّاع المحتوى بناء مسيرة مع العلامات التجارية، لا مجرد الحصول على 200 دولار مقابل منشور. كلما أشركتهم كطرف فعّال في الحملة، كانت النتائج أفضل وأكثر استدامة للطرفين".

ملاحظة مهنية: منصة "تيك توك وَن" (TikTok One) هي منصة إبداعية مقدمة من "تيك توك"، تُوفر أدوات لتصميم حملات فعّالة. تمكّن العلامات التجارية من الوصول إلى ملايين صنّاع المحتوى والتواصل مع شركاء الإنتاج وتحليل البيانات. المنصة مجانية حالياً في بعض المناطق، ويمكن استخدامها لتحسين وتكييف المواد الإبداعية بطريقة لم تكن متاحة من قبل.

ما هي أشكال التعاون مع المؤثرين؟

هناك طرائق متعددة يمكن للعلامات التجارية من خلالها التعاون مع المؤثرين، إليك أبرزها:

1. تغطية الفعاليات (Event Coverage)

إذا كنت تُخطط لحدث تسويقي موجه لفئة معينة أو منطقة جغرافية محددة، فإشراك المؤثرين المناسبين يمكن أن يُسهم في إبراز الحدث أمام جمهورك المثالي. ابدأ التعاون معهم مبكراً لبناء الحماس، ودعهم يُقدمون تغطية مباشرة في يوم الحدث.

2. الهدايا المجانية (Gifting)

وفقاً لتقرير "ماتر كوميونيكيشنز" (Matter Communications)، فإنَّ 69% من المستهلكين يثقون بالمؤثرين والأصدقاء والعائلة أكثر من المعلومات المباشرة الصادرة عن العلامات التجارية. لذا تُعد الهدايا المجانية طريقة ذكية للاستفادة من هذه الثقة.

ببساطة، أرسل عيّنة من منتجك أو قدّم تجربة مجانية للمؤثر، مع معلومات موجزة عنك، واجعل من السهل عليه مشاركتها مع جمهوره.

3. مقاطع الفيديو (Video Collaboration)

يمكنك التعاون مع المؤثر لإنتاج فيديو ترويجي أو سلسلة مصوّرة. يُعد الفيديو من أكثر الأشكال القابلة لإعادة التوظيف والنشر، سواء كان طويلاً أم قصيراً.

4. المسابقات والهدايا (Giveaway)

في حال كنت تُخطط لحملة جوائز أو مسابقة، فبإمكان المؤثر استضافة الحملة على قنواته، وإنشاء محتوى بصري جذّاب، وتوجيه جمهوره إلى حساب علامتك التجارية.

5. الاستحواذ على الحساب (Takeovers)

استعن بمؤثر لتولّي حساباتك على وسائل التواصل لفترة زمنية قصيرة، لكيي ينشر محتوى مباشراً أو يُجري بثاً حياً من خلال القصص (Stories). تأكّد من الترويج المسبق لهذا التعاون، واطلب من المؤثر الترويج له أيضاً عن طريق قنواته.

6. تعزيز الإشارة (Signal Boosting)

نوع مثالي للترويج لقضية إنسانية أو حملة مجتمعية أو رسالة عاجلة، مثل خط ساخن جديد أو مبادرة خيرية. اختر مجموعة من المؤثرين واطلب منهم ببساطة مشاركة منشورك على قصصهم أو شبكاتهم.

مثال: استخدمت "الوكالة الوطنية لمحو الأمية للبالغين في المملكة المتحدة" (National Adult Literacy Agency) مؤثرين على إنستغرام لترويج خدمات التعليم المجانية عن بُعد.

كيف تبني حملة تسويق فعّالة عن طريق المؤثرين؟

الآن بعد أن أصبحت لديك فكرة أعمق عن التسويق من خلال المؤثرين (Influencer Marketing)، قد تتساءل: كيف أبدأ فعلياً ببناء حملة ناجحة؟ إليك النصائح الأساسية التي ستساعدك على تخطيط وتنفيذ حملة احترافية تُحقق نتائج ملموسة:

1. حدّد أهدافك ومؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs)

قبل أن تطلق أية حملة، يجب أن تكون أهدافك واضحة ومحددة. هل ترغب في زيادة الوعي بالعلامة التجارية؟ أم الترويج لمنتج جديد؟ أم تحفيز الجمهور على اتخاذ إجراء مثل التسجيل أو الشراء؟ حدّد مؤشرات الأداء الرئيسة (Key Performance Indicators – KPIs) التي ستقيس بها نجاح حملتك منذ البداية.

2. حدد ميزانيتك بدقة

في هذه المرحلة، عليك تأكيد الميزانية التي ستحتاج إليها للتعاون مع المؤثر، بناءً على حجم الحملة ونوع المنصة. تكاليف المؤثرين تختلف حسب عدد المتابعين، ونوع المحتوى، والمنصة المستخدمة، ومدة التعاون. يمكنك استخدام أدوات تخطيط الميزانيات الإعلامية مثل "Media Budget Planner" لتبقى على اطلاع دائم بتوزيع التكاليف.

3. اختر المنصة المناسبة

يؤدي اختيار المنصة دوراً محورياً في نجاح حملتك. اسأل نفسك: هل المحتوى سيكون مرئياً (فيديو)، أم مقالة، أم صوراً فقط؟

كل نوع محتوى يُناسب منصة مختلفة:

• مقاطع الفيديو القصيرة: "تيك توك" (TikTok) و"إنستغرام" (Instagram).
• المقالات الطويلة: "لينكدإن" (LinkedIn) أو "إكس" (X) (تويتر سابقاً).

احرص على أن تكون المنصة التي تختارها هي المكان الذي يتواجد فيه جمهورك.

4. اختر المؤثر المناسب

يبدأ النجاح باختيار المؤثر الصحيح. عند تقييم المرشحين، ضع في حسبانك العوامل التالية:

• نوع الجمهور وجودته: هل يتطابق جمهور المؤثر مع الجمهور الذي تستهدفه؟
• المنصات التي يستخدمها المؤثر: هل لديه حضور فعّال على المنصة التي اخترتها؟ وهل جمهوره نشط هناك؟
• جودة المحتوى: هل يصنع محتوى ينسجم مع قِيَم علامتك التجارية؟
• المصداقية: هل يبدو صادق ومقنع عند ترويج المنتجات؟
• شخصية المؤثر: هل تتناسب طريقة تواصله وأسلوبه مع قِيَم علامتك التجارية؟
• معدل التفاعل والنشر: كم يبلغ معدل تفاعل جمهوره مع منشوراته؟ كم مرة سيذكر منتجك؟ وما هو معدل نشره للمحتوى؟
• الأجور: هل يتقاضى عمولة لكل عملية بيع (CPA)، أم مقابل عدد النقرات (CPC)، أم سعراً ثابتاً؟ وهل هذا مناسب لميزانيتك وأهدافك؟

5. تواصل مع المؤثر

تواصل مع المؤثرين عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل المباشرة على المنصات الاجتماعية. لكن تذكّر أن تكون واضحاً، وودوداً، وصادقاً بشأن ما تريده.

قدم نفسك وعلامتك التجارية بإيجاز، واشرح الهدف من التعاون. لا تتردد في مشاركة تفاصيل قد تجذب انتباه المؤثر وتُبيّن له فوائد هذا التعاون.

بمجرد حصولك على اهتمامه، حان وقت الاتفاق على الأجور والشروط، وصياغة عقد واضح للطرفين إن لزم الأمر.

6. طوّر الحملة وشاركها مع المؤثر

هذه المرحلة مليئة بالإبداع! شارك مع المؤثر كل عناصر الحملة من الصور أو مقاطع الفيديو، والنصوص أو العبارات، والهاشتاغات (Hashtags)، وروابط التتبع (Tracking Links). احرص على تحديد الجدول الزمني للنشر، وتأكد من استخدام أدوات التتبع لتقييم الأداء لاحقاً.

7. راقب الأداء وقيّم النتائج

الآن وبعد انطلاق الحملة، حان وقت المراقبة والتقييم. استخدم أدوات التحليل مثل:

• تحليلات المنصات الاجتماعية.
• "جوجل أناليتكس" (Google Analytics) لموقعك الإلكتروني.
• تقارير منصة إدارة علاقات العملاء CRM الخاصة بك.

يُطلَب من المؤثر تقديم تقارير عن أداء الحملة التسويقية.

أدوات التسويق عن طريق المؤثرين: دليلك الشامل

إذا كنت ترغب في بناء حملة تسويق مؤثرين ناجحة، فهناك عديدٌ من الأدوات الذكية ― منها ما يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي ― التي يمكنها مساعدتك في صياغة الاستراتيجية وتنفيذها بدقة. تشمل هذه الأدوات منصات متخصصة في اكتشاف المؤثرين، والتواصل معهم، وإدارة الحملات بالكامل بطريقة مؤتمتة.

في ما يلي، أفضل الأدوات مُصنفة حسب الفئة:

1. أدوات الرصد والاستماع الاجتماعي (Social Listening Tools)

• "ميلت ووتر" (Meltwater): تقدم منصة متكاملة لمراقبة الشبكات الاجتماعية والتفاعل معها. تعتمد على تحليلات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي لفحص ملايين المنشورات من مواقع التواصل والمدوَّنات والمواقع الإخبارية، بهدف إيجاد المحتوى المناسب لعلامتك التجارية.
• "توك ووكر" (Talkwalker): توفر خدمات الاستماع الاجتماعي أيضاً، مع ميزة تحليل الصور باستخدام تقنيات التعرف البصري. يمكنها تتبع الصور والعثور على المؤثرين على منصات مثل "إنستغرام" و"سناب شات" (Snapchat).

2. أدوات اكتشاف المؤثرين (Influencer Discovery Tools)

• "أبفلوينس" (Upfluence): تعتمد على برنامج يقوم بفهرسة وتحديث ملفات المؤثرين في الوقت الفعلي، ويُحلّل محتواهم لقياس معدل الوصول والتفاعل. كما تساعدك ميزة "Live Capture" داخل الأداة على العثور على أنسب المؤثرين لعلامتك التجارية بسرعة.
• "فولوور وونك" (Followerwonk): تركّز هذه الأداة على منصة "إكس". تمكّنك من البحث داخل الملفات الشخصية، ومقارنة الحسابات، وتحليل العلاقات لاختيار المؤثر المثالي.

3. منصات متكاملة لإدارة المؤثرين (All-in-One Influencer Platforms)

• غرين (Grin): منصة شاملة لإدارة صناع المحتوى، تساعد العلامات التجارية على بناء شراكات طويلة الأمد. تتيح لك اكتشاف المؤثرين والتواصل معهم وتعزيز العلاقات، بالإضافة إلى إعداد تقارير تحليلية للحملات.
• "ماڤرك" (Maverck): منصة قوية لإيجاد المؤثرين المناسبين، وإدارة الحملة من البداية حتى التقارير النهائية. تتضمن "مؤشر المؤثرين" (Influencer Index) الذي يحتوي على ملايين من المؤثرين الكبار والصغار حول العالم، ويغطي جميع المنصات الاجتماعية الكبرى.     

ملاحظة: بما أنَّ "إنستغرام" يُعد الشبكة المفضلة لعديد من المؤثرين، فمن الهام التعرف على أبرز أدوات التسويق عن طريق المؤثرين الخاصة بهذه المنصة. تقوم أدوات مثل "غرين"، و"ماڤرك"، و"أبفلونس" بتتبع أداء المؤثرين على المنصة، بينما تُركّز "أسباير" (Aspire) بشكل أساسي على اكتشاف المؤثرين، وقد أضافت مؤخراً ميزة خاصة لتتبع قصص إنستغرام (Instagram Stories).

الذكاء الاصطناعي والتسويق عن طريق المؤثرين

مثل باقي مجالات التسويق، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) يُحدث تحولاً كبيراً في مجال التسويق عن طريق المؤثرين. فهو يُوفّر أدوات تساعد العلامات التجارية على اتخاذ قرارات ذكية مبنية على البيانات، وتحسين علاقاتها مع المؤثرين. إليك أبرز المجالات التي يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي فيها:

1. تصنيف الجمهور (Audience Segmentation)

تُساعدك أدوات، مثل "أوديَنس" (Audiense)، و"فيستا سوشال" (Vista Social)، و"هوتسويت" (Hootsuite) على تحليل بيانات الجمهور وتقسيمهم بدقة بناءً على التفاعل، والاهتمامات، والسلوك الرقمي.

2. البحث عن المؤثرين (Finding Influencers)

بدلاً من قضاء ساعات في البحث اليدوي، تُتيح لك أدوات، مثل "هايب أوديتر" (Hype Auditor) تحليل اهتمام المؤثر، وديموغرافيته، ومعدل نموه، ومدى مصداقيته ― لتصل إلى المؤثر الأنسب بأقل وقت وجهد.

3. إنشاء وتحسين المحتوى (Content Creation & Optimization)

تُساعد منصات الذكاء الاصطناعي، مثل "شات جي بي تي" (ChatGPT)، و"جاسبر" (Jasper)، و"سكرب أي آي" (ScripAI)، و"يارنت" (Yarnet) في البحث، والكتابة، وتعديل المحتوى النصي والبصري بما يتناسب مع الجمهور المستهدف والمنصة.

4. تحليلات الأداء (Performance Analytics)

يمكن لمنصة، مثل "هايب أوديتر" المدعومة بالذكاء الاصطناعي تتبع معدلات التفاعل، والنقرات، والتحويلات، ومؤشرات الأداء الأساسية الأخرى لتحليل أداء حملتك وتقييم العائد على الاستثمار.

5. المؤثرون الافتراضيون (Virtual Influencers)

في حال لم تتمكن من إيجاد مؤثر حقيقي مناسب ― أو إذا كانت ميزانيتك محدودة ― فيمكنك ببساطة ابتكار مؤثر افتراضي باستخدام الذكاء الاصطناعي. مثال:

أطلقت علامة التجميل التابعة لشركة "لوريال" (L’Oreal)، وهي "مايبلين" (Maybelline)، شخصية رقمية اسمها "ماي" (May) لترويج منتج جديد.

لم يعد الذكاء الاصطناعي خياراً إضافياً، بل أصبح ضرورةً استراتيجيةً حقيقيةً في عالم التسويق عن طريق المؤثرين. إذا كنت تُعاني من ضيق الوقت، أو تحتاج إلى أدوات تُحسن الأداء وتُقلل من المخاطر وتُسرّع النتائج، فلا تتردد في استكشاف كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم حملتك التسويقية بقوة.

نصائح فعالة وأخطاء شائعة في التسويق عن طريق المؤثرين

يمكن للمؤثرين أن يمنحوا علامتك التجارية بريقاً ومصداقيةً يصعب عليك تحقيقهما بمفردك. لكنّ النجاح لا يأتي فقط من التعاون، بل من اختيار المؤثر المناسب وتجنّب الأخطاء الشائعة.

في ما يلي، دليلك المختصر إلى أهمّ ما ينبغي فعله وما يجب تجنبه عند إطلاق حملات التسويق عن طريق المؤثرين:

النصائح الفعالة

1. أعد مشاركة المحتوى وأعد توظيفه

حين تنطلق حملتك، احرص على تعزيز ظهورها من خلال إعادة نشر المحتوى على جميع قنواتك على مواقع التواصل الاجتماعي. ناقش مع المؤثر إمكانية إعادة استخدام المحتوى الذي أعدّه. على سبيل المثال، يمكنك تحويل منشور من "تيك توك" إلى إعلان ممول يُستخدم ضمن حملاتك الترويجية.

2. ابنِ علاقات طويلة الأمد

رغم أنَّ التنقّل بين المؤثرين قد يبدو مغرياً، إلا أنَّ بناء علاقة مستدامة مع مؤثرين محددين هو استثمار ذكي. فكلما شارك المؤثر في أكثر من حملة، أصبح أكثر مصداقية عند الحديث عن علامتك، مما يعزز الوعي بعلامتك التجارية لدى جمهوره.

3. كن حاضراً في قنواتهم

قبل التواصل مع أي مؤثر، لا تتردد في التفاعل مع محتواه وإظهار دعمك بصدق. فخلال الحملة، كن نشطاً على منصاته، وواصل التفاعل حتى بعد انتهاء التعاون. يعكس هذا احترافية علامتك ويُشجع على شراكات مستقبلية.

الأخطاء الشائعة

1. لا تكن مفرطاً في السيطرة

لا تكن متحكماً بشكل مفرط أثناء التعاون. تذكّر أنَّ هذه شراكة إبداعية، ويجب أن تستفيد من إبداع المؤثر وأصالته وصلته بجمهوره. امنحهم مساحة لتقديم أفكارهم، ولإدارة توقيت النشر وتفاصيل المحتوى، حتى لو كنت قد زودتهم بموجز تفصيلي.

2. لا تكن غامضاً عند التواصل

حين تراسل المؤثر لأول مرة، تجنّب الغموض أو الرسائل العامة. قدّم نفسك بوضوح، وعرّف بعلامتك أو منتجك، واذكر بالضبط ما أعجبك في محتواه، ولماذا تعتقد أنَّه يناسب علامتك التجارية. اذكر أيضاً أي عمل محدد نال إعجابك.

3. لا تكن مبهماً بشأن مؤشرات الأداء (KPIs)

يجب أن تكون لديك فكرة واضحة عن مؤشرات الأداء الرئيسة التي تريد تحقيقها. كن صريحاً من البداية بشأن البيانات التي تتوقع الحصول عليها. رغم أنَّ معظم المؤثرين يقدمون تحليلات عامة، لكن من المفيد تحديد المقاييس الدقيقة التي ترغب في متابعتها مثل عدد النقرات (CTR)، ومعدل التحويل (Conversion Rate)، وعدد المشاهدات (Views).

علامات تحذيرية عند اختيار المؤثر (Red Flags)

في أثناء البحث، كن على دراية بالمؤشرات التي قد تدل على مؤثر غير موثوق أو مزيف:

• الصورة الشخصية: لا يملك صورة حقيقية أو يستخدم صوراً جاهزة.
• اسم المستخدم: غريب أو مُسيء.
• الملف الشخصي: خاص أو مجهول الهوية.
• المتابعون: يتابع عدداً أكبر من عدد متابعيه.
• النبذة التعريفية (Bio): منسوخة أو غير مخصصة.
• الموقع الإلكتروني: لا يوجد رابط لموقع أو متجر.
• المحتوى: قليل جداً من المحتوى الأصلي أو لا شيء.
• حداثة الحساب: الحساب جديد تماماً.

لوائح وقوانين التسويق من خلال المؤثرين

من الضروري الاطلاع على اللوائح المحلية والدولية الخاصة بالتعاون مع المؤثرين لضمان الشفافية والمصداقية. في ما يلي، بعض الهيئات التي وضعت تنظيمات واضحة في هذا المجال:

• هيئة معايير الإعلان (ASA) وهيئة المنافسة والأسواق (CMA) – المملكة المتحدة (UK).
• لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) – الولايات المتحدة (US).
• مجلس معايير الإعلان الكندي (CCB) – كندا (Canada).
• الاتحاد الأوروبي (EU) والدول الأوروبية الفردية.
• الرابطة الأسترالية للتسويق عن طريق المؤثرين (AiMCO) – أستراليا (Australia).
• منصة "إيه إس سي آي سوشيال" (ASCI Social) – الهند (India).

في الختام

في عالم يتسارع فيه كل شيء، ويزداد فيه المحتوى الرقمي تشبعاً، لم يعد يكفي أن تصرخ باسم علامتك كي تُسمَع، بل عليك أن تبني جسوراً من الثقة والتأثير مع جمهورك. هنا، يأتي دور التسويق عن طريق المؤثرين (Influencer Marketing) كأحد أقوى الأدوات في ترسانة المسوّق الذكي.

لكن تذكّر، النجاح لا يتحقق بمجرد اختيار مؤثر شهير، بل في اختيار الشريك المناسب، وبناء علاقة أصيلة معه، والعمل معاً على إيصال رسالة حقيقية وملهمة. فكل منشور، وكل فيديو، وكل تفاعل هو فرصة لترك بصمة حقيقية في أذهان جمهورك.

سواء كنت تسوّق لمنتج جديد، أو تبني علامة تجارية من الصفر، أو تحاول اختراق سوق جديد، يمكن للمؤثرين أن يكونوا حلفاء استراتيجيين يصنعون الفرق. فابدأ بخطوة صغيرة، وبخطّة مدروسة، وبقلب منفتح على التعاون؛ فالتأثير الحقيقي لا يُشترى… بل يُبنى.