كيف تستفيد من التسويق المخصص بالذكاء الاصطناعي وتتجاوز تحدياته؟

يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تنمية مجال التسويق، ويمكن الاستفادة منه في توليد الأفكار، وإنشاء المحتوى، وتخصيصه وفقاً لاهتمامات الجمهور للفت انتباههم.

يقدم المقال دليلاً شاملاً للمهتمين باستخدام الذكاء الاصطناعي في تخصيص الحملات التسويقية بغية الوصول إلى العملاء المناسبين.

أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تخصيص التسويق

إنً السبب الرئيس لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تخصيص التسويق هو إمكانية توسيع نطاق عملية التخصيص. يستخدم المسوقون – عادةً – أدوات أتمتة التسويق لتخصيص رسائل البريد الإلكتروني، أو استقطاب العملاء المحتملين، أو إعداد سير العمل، وهي أدوات فعالة في تبسيط مهام التسويق المتكررة؛ ولكن يتميز الذكاء الاصطناعي عن ذلك في قابليته للتكيف مع المتغيرات؛ وذلك من خلال جمع البيانات وتحليلها، والتكيف مع النتائج المستخلصة منها، ليتمكن المسوقون من تخصيص التسويق بدقة أكبر.

يساعد التخصيص في زيادة المبيعات، كما يؤكد 96% من المسوقين أنَّ التجربة المخصصة تعزز فرص تحول المشترين إلى عملاء دائمين.

فوائد تخصيص التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي

1. توسيع نطاق التخصيص

وفقاً لتقرير أعدَّه موقع "هاب سبوت" (HubSpot) عن حالة التسويق لعام 2024، يقول 77% من المسوقين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي المولد إنَّه يساعدهم في تخصيص المحتوى بدقة أكبر. علاوةً على ذلك، يقول 56% من هؤلاء المسوقين إنَّ أداء المحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي يُضاهي أو يفوق أداء المحتوى الذي ينشئه البشر.

يعني هذا أنَّ الذكاء الاصطناعي لا يغير الطرائق المتبعة في التخصيص، بل يساعد في توسيع نطاق العمل. يساعد الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى مزيد من العملاء من خلال حملات التسويق المخصصة عندما تقدم للأداة تعليمات ومدخلات دقيقة، وتحدد نوع البيانات التي تبحث عنها.

يقول المسوِّق ومؤسس موقع "جورنوروبو" (Journorobo) "جيمس بروكس" (James Brooks): "يمنحنا الذكاء الاصطناعي فرصة لتوسيع نطاق ما لا يمكن توسيعه. يكمن السر في استخدام الأداة بطريقة إبداعية ومدروسة، والتركيز في البداية على إنشاء تعليمات ومدخلات دقيقة وشاملة لإنجاز المهام آلياً على الأمد الطويل".

كما تؤكد "لورين بيترولو" (Lauren Petrullo)، الرئيسة التنفيذية ومؤسسة وكالة التسويق الرقمي "مونجوس ميديا" (Mongoose Media)، على هذه الفكرة قائلة: "يتيح التخصيص باستخدام الذكاء الاصطناعي للمستهلكين أو المشتركين الشعور بأنَّ المسوقين يخاطبونهم شخصياً".

2. تحسين أتمتة التسويق

تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات الأتمتة الحالية من خلال زيادة دقتها واعتمادها على البيانات. لنفترض مثلاً أنَّ المسوق يستخدم الأتمتة لتصنيف الجمهور المستهدف؛ يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم نتائج إضافية مثل تحديد الأنماط والتنبؤ بسلوكات هذا الجمهور، مما يساعد في اتخاذ قرارات تسويقية وتجارية مدروسة.

3. تقديم قيمة أكبر للعملاء

تزداد القيمة التي تقدمها الشركة للعملاء مع زيادة تخصيص حملات التسويق؛ فكلما زادت التفاصيل حول الجمهور المستهدف، ازدادت الدقة في التسويق، مما يؤدي إلى تقديم قيمة أكبر من تلك التي كانوا يحصلون عليها باستخدام أساليب التسويق العامة.

صعوبات تخصيص التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي

1. صياغة التعليمات والمدخلات

الذكاء الاصطناعي فعال؛ لكنَّه لا يزال في طور التعلُّم والتطوير؛ إذ تحتاج معظم الأدوات إلى فترة طويلة من الاستخدام ومعالجة عدد كبير من المدخلات والتعليمات لكي تتكيف مع أسلوبك، ولغتك، وطلباتك، وهذا يعرقل عمليات التخصيص. يقترح "بروكس" الالتزام بالدقة قدر الإمكان لصياغة تعليمات أفضل، فيقول:

"تعامل مع نموذج تعلم اللغة (LLM) على أنه إنسان عبقري وواسع الاطلاع، ويحتاج إلى معطيات دقيقة ووافية لمعالجة طلباتك، لهذا السبب يجب أن تزوده بتعليمات دقيقة، وتوضح له تفاصيل النتائج التي تريدها مثل أسلوب المحتوى، ونوعه، وصيغته النهائية، وتنسيق النص، والأمور التي يجب تجنبها".

2. المعرفة التقنية

من التحديات الأخرى التي يواجهها المسوقون هو نقص المعرفة التقنية؛ إذ يتطلب تخصيص التسويق على نطاق واسع خبرة تقنية كبيرة، وفهم واجهات برمجة التطبيقات (APIs) وآلية تخصيص سير العمل وأتمتة عمليات إنتاج المُخرجات باستخدام الذكاء الاصطناعي.

يقول "بروكس": "مع انتشار الأدوات التي لا تتطلب البرمجة، بات من السهل الاستفادة من واجهات برمجة التطبيقات وأتمتة التسويق. أنصح بتجربة أدوات مثل: "ميك دوت كوم" (Make.com) و"زابيير" (Zapier) التي تتصل تلقائياً بأدوات التسويق ومنصات الذكاء الاصطناعي مثل: "أوبن إيه آي" (OpenAI). تساعد مشاهدة مقاطع فيديو على منصة "يوتيوب" (YouTube) في تعلم هذه الأمور".

أفضل 5 حالات استخدام للتسويق المخصَّص باستخدام الذكاء الاصطناعي

1. التسويق باستخدام البريد الإلكتروني

يستخدم المسوقون رسائل البريد الإلكتروني المخصصة لاستقطاب العملاء؛ لكنَّ أدوات الذكاء الاصطناعي تساعدهم في تحسين هذه التجربة؛ إذ يمكن استخدامه لجمع بيانات العملاء، مثل تاريخ ميلادهم وهواياتهم وخبراتهم المهنية، وحتى اهتماماتهم، ثم إدخال هذه المعلومات في نموذج تعلم اللغة من أجل إنتاج رسائل بريد إلكتروني تسويقية تؤثر في المتلقي.

يقول "بروكس": "يمكن استخدام أدوات الأتمتة التي لا تحتاج إلى إدخال أكواد برمجية. أستخدم أداة "بينتو" (Bento) التي ترسل طلب إلى واجهة برمجة التطبيقات لكل رسالة بريد إلكتروني ترسله، مما يتيح إمكانية إرسال رسالة بريد إلكتروني مخصصة لكل شخص، حتى لو كنت تستهدف عدد كبير من الأفراد".

2. الريادة الفكرية

يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إيجاد فرص الريادة الفكرية، من خلال البحث عن حالات استخدام الذكاء الاصطناعي لتخصيص التسويق، وإرسال رسائل بريد إلكتروني مخصصة للمستخدمين، حتى أنَّه يوصي بمواضيع للنقاش بناءً على السيرة الذاتية للمستخدمين.

باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يستطيع المسوقون اكتشاف فرص الريادة الفكرية وتحسين العلاقات العامة قبل منافسيهم.

3. روبوتات الدردشة

يُستخدَم الذكاء الاصطناعي أيضاً لتخصيص روبوتات الدردشة، والتي تُعد ضروريةً لتخصيص تفاعلات العملاء، وتوسيع نطاق دعمهم، واستقطاب العملاء المحتملين، سواء كانت هذه الروبوتات على الموقع الإلكتروني أم على منصات التواصل الاجتماعي.

تبسِّط روبوتات الدردشة المُدعمة بالذكاء الاصطناعي هذه العملية، إذ تؤدي ذاكرتها التفاعلية وقدرتها على التكيف إلى تعزيز خصوصية المحادثات.

تقول "بيترولو": "يحتفظ الذكاء الاصطناعي بذاكرة للمحادثات التي يمكن الاستفادة منها في الرسائل مستقبلاً. يحلل الذكاء الاصطناعي نبرة ردود العميل ضمن المحادثة، ويرد عليه بأسلوب مشابه".

4. صفحات الهبوط

يُعد تحسين محركات البحث القابل للبرمجة (programmatic SEO) استخداماً مفيداً آخر للذكاء الاصطناعي؛ وذلك من خلال إنشاء عدد كبير من صفحات الهبوط لاستهداف الكلمات المفتاحية تلقائياً. تتم هذه العملية دفعةً واحدةً، مما يعني أنَّها قد تستغرق ساعات طويلة إذا ما أُجريت يدوياً.

يساعد الذكاء الاصطناعي في توسيع نطاق عمليات تحسين محركات البحث، ويمكن استخدامه لإنشاء عدد كبير من صفحات الهبوط البرمجية المتوافقة مع مصطلحات البحث بناءً على مجال العمل أو الموقع الجغرافي.

يُعد موقع "أب وورك" (Upwork) مثالاً رائعاً عن ذلك؛ إذ تتوفر صفحة هبوط عند البحث عن أي نوع من خدمات العمل الحر في أي مدينة.

يقول "بروكس": "أمتلك مواقع إلكترونية تستهدف جمهور واسع يضم أفراد يختلفون في اهتماماتهم، وقد استخدمتُ الذكاء الاصطناعي لإنشاء آلاف الصفحات التي تخاطب هذه الجماهير المختلفة مباشرةً، مع الإشارة إلى ثقافاتهم واستخدام لغاتهم".

5. الترجمة وتوطين اللغة

إذا كان الهدف هو التوسع في الأسواق العالمية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتوطين لغة المحتوى من خلال ترجمته إلى لغات مختلفة تناسب الأسواق المستهدفة.

يمكن القيام بذلك في صفحات الهبوط البرمجية، إلى جانب القدرة على توطين الإعلانات، وأصول تسويق المنتجات، ومحتوى تحسين محركات البحث.

لا تقتصر أهداف التوطين على التوسع في الأسواق العالمية، بل يمكن الاستفادة منه في تخصيص الإعلانات، وصفحات الهبوط، وترجمتها تلقائياً باستخدام الذكاء الاصطناعي إذا كنت تستهدف جمهوراً عالمياً.

قد يستغرق تعلُّم أعضاء الفريق لغةً جديدةً سنوات ليصلوا إلى مستوى يمكِّنهم من ترجمة المحتوى التسويقي، وحتى إن وُجِد مترجمون في الفريق، يصعب توسيع نطاق المحتوى المخصص عند الترجمة يدوياً.

تقول "بيترولو": "على الرغم من أنَّ الذكاء الاصطناعي لا يمتلك القدرة على فهم المشاعر البشرية فهماً كاملاً أو محاكاتها بدقة، إلا أنَّه فعال في معالجة اللغات وفهمها؛ لذلك، يمكن الاستفادة منه في توسيع نطاق التواصل بلغة مشتركة يفهمها الناس".

في الختام

بات استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورةً في تخصيص حملات التسويق؛ إذ لا يقتصر الأمر على مخاطبة الجمهور بأسمائهم في رسائل البريد الإلكتروني؛ بل يتطلب التعرف إلى العملاء، وفهم اهتماماتهم وسلوكاتهم وأسلوبهم في التحدث، مما يتيح تسويق المنتجات أو الخدمات بطريقة تتوافق معهم.

يعني استخدام الذكاء الاصطناعي في تخصيص التسويق الاعتماد على البيانات اعتماداً أكبر؛ إذ تساعد أدواته في تحديد فرص التسويق، والتنبؤ بسلوكات العملاء، وتوطين المحتوى، وتصميم الرسائل.